هل يستمع فيسبوك لحواراتك لتقديم إعلانات موجّهة؟

هل تكلّمت مرّة مع أحد أصدقاءك عن موضوع ما، وكان الهاتف على الطاولة، وفجأة بعد ساعات قليلة، وجدت إعلاناً على فيسبوك يتعلّق بنفس الموضوع الذي تكلمتم عنه؟ هل حدث ذلك معك؟ وهل الإدّعاءات أنّه من المحتمل أن تكون شركة «فيس بوك»، تستمع على مُحادثات الناس، طوال الوقت صحيحة؟  حسناً لقد قمت بتجربة ذلك، وهذا أمر صحيح.

بدأت القصة عندما كنت مع صديقي الذي لديه تطبيق فيسبوك على جهاز هاتفه المحمول (بالمناسبة، حتى الآن لم أقم بتنصيب التطبيق على جهازي)، وكان الجهاز على الطاولة، وكنّا نتحدث عن تطبيقات باي بال للدفع الإلكتروني، حيث أنّه لم يسمع بها من قبل، وكنت أشرح له كيفية الإستفادة من خدمات الشركة، وكررنا رغم أنّ حديثنا بالعربية العامية كلمة paypal عدة مرّات خلال سياق الحديث. بعد ساعات أرسل لي صديقي صورة ملتقطة من هاتفه تشير إلى ظهور إعلان باي بال لديه في فيسبوك، رغم أنّه لم يزر الموقع أبداً من قبل.

لا أخفيكم، أنني لم أعر الأمر أهمية أول الأمر، ولأنني أعمل في مجال الإقتصاد السلوكي، فقد ظننت للوهلة الأولى أنّ الأمر يتعلق بما يسمّى وهم التكرار، ويعني وهم التكرار أنّنا نشعر بالأحداث حولنا حين نتكلم عنها، فنلاحظ تواترها بشكل أكثر. فوهم التكرار هو ظاهرة تنتجُ عن الحالة التي تعتري الشخص عقب ملاحظته، أو سماعه، أو اختباره شيئاً ما، فيتكرر حدوثه أو ظهوره أمامه بشكل كبير ومفاجئ . لذلك ظننت بدائ ذي بدء أنّ كل ما في الأمر هو ظاهرة وهم التكرار، ولكن صديقي أكّد أنّ الأمر تقني، ولا علاقة له بوهم التكرار البتّة.

بيحث بسيط وجدت بعض الإدعاءات أن فيسبوك تستمع فعلاً لما يدور في الغرفة، تقول الإدّعاءات، أنّ التطبيق الخاص بشركة فيس بوك يستمع للأحاديث قربه كوسيلة لرؤية ما الذي يستمع إليه أو يشاهده الناس، ليقوم بتقديم الاقتراحات الخاصة بالمنشورات التي تظهر للمستخدم على صفحة الرئيسية الخاصة به على موقع فيس بوك. بعبارة أُخرى، فيس بوك لا يتنصت بهدف التجسس، لكن يستمع فقط إلى ما يدور حولك، كي يُساهم في توفير المنشورات المناسبة، لمتابعتها ومشاهدتها، والتفاعل معها، والأهم هنا برأيي رغم عدم اعلان الشركة ذلك، هو الإعلانات التي تتعلق بالحديث الذي تم الحديث عنه.

هنا قمت بنشر منشور على فيس بوك، نال تفاعلاً لابأس به، يشرح ما حدث، وكيف تم عرض إعلان يتعلّق بحديث دائر في الغرفة، خلال ساعات استقبلت العديد من الرسائل الخاصة والتعليقات التي تؤكّد حدوث هذا الأمر مع العديد من الأصدقاء، والذي لم يستطيعوا تفسيره، وإعتبروا أنّه مجرد صدفة، أو أنّها الحاسة السادسة ، أو رسالة الغيب لا أكثر. بشكل عام حوالي عشرة أشخاص أكّدوا هذا الموضوع بشكل أو بآخر، وبعضهم قام بتجربة ذلك أيضاً، وتأكد منه حد قوله.

لكن هل فعلاً ما سبق صحيح فعلاً؟ قمنا مرة أخرى ولكن عن قصد هذه المرة (أنا وصديقي)، بتجربة فعلية للتأكد من ذلك، ففي جلسة حوار، تقصدنا الكلام عن الطعام، ولمساعدة فيسبوك الذي لا إعلم إن كان يستطيع تحليل العربية العاميّة، كرّرنا اسم موقع شهير لطلب وجبات الطعام أونلاين وهو justeat، وإخترت اسماً لموقع لا يستخدمه صديقي، وليس معجباً هو أو أحد أصدقاءه بصفحته على فيسبوك. كررنا مازحين أمام الهاتف اسم الموقع لحوالي الثلاث أو أربع مرّات لا أكثر، وبحديث لا يتجاوز الدقيقة الواحدة بأحسن الأحوال، وبشكل مازح سريع.

بعد حوالي الساعة ظهر إعلان الموقع نفسه حرفياً على هاتف صديقي، بالإضافة لاعلان آخر لموقع آخر لطلب الوجبات أونلاين أيضاً.

الصورة حقيقية من الهاتف

أعتقد رغم عدم وجود تأكيد رسمي، أنّ الأمر شبه مثبت، ويقوم تطبيق فيسبوك، أو لربما تطبيق ماسنجر الخاص بفيسبوك ( لم أبحث بدقة)، بالإستماع للحوارات الجارية في الغرفة، ومحاولة التقاط كلمات مفتاحية لبث إعلانات أو منشورات تتعلق بها بشكل أو بآخر.

إذا في المرة القادمة، التي ترى فيها إعلاناً على فيسبوك لمنتج ما بعد حديث عابر عنه، لا تعتقد أنّها رسالة غيبية لدفعك لشراءه، كل ما في الأمر أنّها مجرّد حيلة تسويقية ذكية  لا أكثر.


Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *